أَفْضَلُ قَنَاةٍ عَلَى اليُوتْيُوبْ اِنْ شَاءَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى

تعلم القرآن الكريم وتعليمه | شعب الإيمان

   بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

تعلم القرآن الكريم وتعليمه | شعب الإيمان


1- مقدمة:

يستشرف طالب العلم الحقِّ تحصيل شعب الإيمان، ويتلمس لخصلة العلم نبعا يتشرب منه فيهتدي بهدي سلفنا الصالح سليمي الفطرة الذين كان القرآن الكريم عندهم هو أصل العلم: ” هو دليل المتعلم، وفيه حكم القاضِي، وعون المجتهد، وفيه أحسن القصص، ووجوب عدل الحاكم، وفيه مكارم الأخلاق، وضابط التجارة، وصلاح ذات البين، والسلم والسلام، وفيه ضوابط الغزو والجهاد. بل جاء معه التفسير النبويُّ ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ” .

وفيما أخرجه سعيد بن منصور عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “من أراد العلم فعليه بالقرآن، فإنَّ فيه خبرَ الأولين والآخرين” زيادة توجيه وبيان.

ويعكف على باب الجد نهلا وتحصيلا ومسارعة وطمعا وهو يتلو حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: “خيرُكم من تعلم القرآن وعلمه” .

2- تعلم القرآن:

لأن كانت خيرية الأمة للواقف على باب كتاب الله تعالى يتعلمه ويعلمه فضلا ومنزلة فقد كفياه، لكن عظَمة المشمول بالذكر وعُلوَّ قدره ألزمت جليل العطايا وزيادة الفضل، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اشْتَرَيْتُ مِقْسَمَ  بَنِي فُلَانٍ، فَرَبِحْتُ فِيهِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: «أَلَا أُنَبِّئُكَ بِمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ رِبْحًا؟» قَالَ: هَلْ يُوجَدُ؟ قَالَ: «رَجُلٌ تعلم عَشْرَ آيَاتٍ»، فَذَهَبَ الرَّجُلُ فَتَعَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ. 

وتجتمع الفضائل كلها ودلائل الرضى لهذا المصاحب للقرآن الكريم تعلما ومجالسة فيه وتلاوة ومدارسة له في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده”.

3- تعليم القرآن:

ويبقى بلوغ مقام الخيرية في الدين دون النوال إن لم يصحب تعلم القرآن تعليمه للناس والنفع به. وتعليم القرآن الكريم هو من الدلالة على الخير المحصَّل أجر العامل به، والإرشاد إلى الهدى الوارد فضله في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: “من دعا إلى هدًى، كان له من الأجرِ مثلُ أجورِ من تبِعه، لا يُنقِصُ ذلك من أجورِهم شيئًا” 

والقرآن الكريم خير الهدى بمنصوصه.

ثم إن تعليم كلام الله عز وجل كان دأب السلف الصالح وحِرص الخلف الناصح، يقول ولي الدين عبد الرحمن بن خلدون رحمه الله: “اعلم أنَّ تعليم القرآن للوِلْدَانِ شعارٌ من شعائر الدين، أخذ بِه أهلُ المِلة، ودرجوا عليه في جميع أمصارهم، لِما يسبِق فيه إلى القلوب من رُسوخ الإيمان وعقائده من آيات القرآن وبعضِ متون الأحاديث. وصار القرآن أصلَ التعليم الذي ينبني عليه ما يحصُل بعدَه من المَلكات”.

4- أثر تعلم القرآن وتعليمه في بناء الأجيال:

خص الله عز وجل أهل القرآن بعظيم الفضائل، بل امتن عليهم أن جعلهم من أهله وخاصته كما جاء في الحديث. ولا شك أن الناشئ في أحضان القرآن الكريم منذ الصغر تحوطه العناية الإلهية وتشمله صنوف التكريم والتصفية. يقول الإمام عبد السلام ياسين عن الصبي يستقبل جوفه أول ما يستقبل كلام الله تعالى: ” إن دخل جوفه النور فأحرى به أن ينشأ مهتديا. هذه الأمراض النفسية التي تصيب الأطفال والشباب والكهول ناشئة عن أوبئة النزغ الشيطاني. والقرآن، وهو شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة، درع تقي المؤمنين من ذلك النزغ، وبلسم يداوي جراح الفتنة السابقة، ويهيء المحل، وهو قلب الصبي وعقله، لتلقي بذرة الإيمان والرجولة “. ويضيف في سياق آخر: ” فمن كان أساسُ بنائه القلبيِّ والفكريِّ كتابَ الله عز وجل خليقٌ أن ينعكس فضلُ القرآن ونورهُ على حياته “.

5- القرآن عُمدةَ التعليم والتربية وقِوامَهُما:

بالنظر إلى ما يرزح تحته التعليم في البلد المسلم من ميوعة على مستوى البرامج والكتب والأساليب والمضامين تنأى به عن تعاليم كتاب الله تعالى يرى الإمام عبد السلام ياسين أنه قد وجب طرح هذه الميوعة ليخلفها القرآن، لفظه ومعانيه، وعظه وقصصه، أحكامه وشرائعه، عوالمه الدنيوية والأخروية، الأرضية والسماوية. “من محاضن الصبيان، إلى مدارس الفتيان، إلى جامعات الرجال، يكون حفظ القرآن، والعمل بالقرآن، وتعليم القرآن، والاحتفال بالقرآن، صلب التربية والتعليم. وبأمر الله في القرآن، وقد وعاه الفتى من صباه، تنبعث رغبة الأمة في اكتساب وامتلاك علوم الكون والاستقلال بها”

ويؤكد على أن دوام الخيرية للأمة مرتبط ببناء الصرح التعليمي على الأساس القرآني: ” ولن تزال هذه الأمة بخير ما اتخذت القرآن عُمدةَ التعليم والتربية وقِوامَهُما. ففي مدارس الصبيان واليافعين والشباب والكبار ينبغي أن تُعاد للقرآن حرمتُه ومكانتُه بحيث يكون صُلْبَ دروس اللغة والفقه والأخلاق والعقيدة. في حلقات الدعوة، في المسجد، في برامج التعليم المدرسي والجامعي. وإنَّ إبعاد القرآن عن المدارس والمعاهد والجامعات، وتقليصَ حصصه، وعدمَ اعتبار حِفظه، وتجويده، وفهمه، في الامتحانات لمحاربة لواحدة من شعائر الإسلام العظمى“

ثم يجمل هذا التدرج التعليمي القرآني وأثره في بناء الشخصية المتوازنة بقوله: ” إن كان المسجد مركز إشعاع التعليم، والقرآن غذاء الصبي الأول، وزاده كل حياته فستنبعث فينا أجيال مصونة إن شاء الله، لن تستفزها المحرضات، ولن يغريها الكسب. بل تكتشف في سن مبكرة أن لا عيش إلا عيش الآخرة، وأن الجهاد في سبيل الله هو الخطة المثلى، والهدف والمشروع، الصالح للنفوس الكريمة. والقرآن الكريم تتشربه الشخصية الغضة الفطرية هو وحده يعطي النفوس كرامتها، ويهديها فطرتها “.

تعليقات

لَا تَمُر دُونَ الِاشْتِرَاكْ بِقَنَاة الخَيْرِ وَالبَرَكَة

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تَعْرِيفْ بِالرَسُولْ (النَبِيْ مُحَمَدْ اِبْنُ عَبْدِ الله) صَلَى الله عَلَيْهِ وَسَلَمْ

كتاب القرآن الحكيم ، كاملا / كامل سور القرآن الكريم